نظريات القيادة (3)*
ركز مدخل السمات على بعد واحد (سمات القائد) وركز مدخل السلوك على بعدين (الإنتاج والعلاقات) بينما أضاف المدخل الموقفي بعداً ثالثا وهو (الموقف) أو الظرف الذي تمارس في ظله القيادة، لذا أكدت نظريات المدخل الموقفي (أو الظرفي) على أهمية المرونة في سلوك القائد تبعا للموقف أو الظرف السائد، فالقائد الناجح هو من يمارس سلوكيات مختلفة تتناسب مع الموقف الذي يمر به؛ إلا أن هذا المدخل عظّم من دور الموقف وأهمل الاهتمام بالسمات القيادية. (آل ناجي 1426هـ، الحربي1425هـ).وفي تراثنا الإسلامي ما يشهد لنظرية الموقف «فقد أمَّر النبي صلى الله عليه وسلم مَرّةً عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل استعطافا لأقاربه الذين بعثه إليهم على مَن هم أفضل منه، وأمّرَ أسامةَ بن زيد لأجل طلب ثأر أبيه، كذلك كان يستعمل الرجل لمصلحة راجحة مع أنه قد كان يكون مع الأمير من هو أفضل منه في العلم والإيمان» (ابن تيمية ت728هـ، ط1412هـ،ج28 ص ص 256، 257).ومن أشهر النظريات الموقفية: نظرية فيدلر التوافقية ونظرية المسار- الهدف للباحث روبرت هاوس ، ونظرية نضج التابعين أو ما يسمى بالأنموذج الموقفي للباحثين هيرسي وبلانشارد.
نظرية نضج التابعين "الأنموذج الموقفي":
أشهر النظريات الموقفية هي نظرية "نضج التابعين" والتي حددت أربعة أنماط قيادية يمارسها القائد حسب حال العامل ومستوى نضجه وهي (آل ناجي1426هـ، الحربي1425هـ، الأغبري2003م، الصياد ،وعبدالغفار 1992م) :
- نمط الأمر Telling: يهتم هذا النمط بالتوجيه المباشر للعامل مع تحديد كيف ومتى وأين ينجز العمل، ويسود هذا النمط عندما يكون لدى الموظف رغبة وحماس للعمل لكن تنقصه الخبرة والمهارة لإنجازه.
- النمط الاستشاري أو الموجِّه selling: يهتم هذا النمط بتشجيع الموظف وإتاحة الفرصة له لإبداء رأيه والاستماع إليه، مع استمرار القائد بإعطاء التوجيهات المحددة لكيفية إنجاز العمل ويسود هذا النمط عندما يكون مستوى النضج للعامل متدنياً، بمعنى ليس لديه رغبة في العمل وليس لديه خبرة ومهارة لإنجازه.
- النمط المشارك Participating: يهتم هذا النمط بالعامل من خلال تشجيعه ومشاركته عمله، وإشراكه في اتخاذ القرار، مع التقليل من توجيهه لعدم حاجته إلى التوجيه، ويسود هذا النمط مع العامل الذي يمتلك الخبرة والمهارة لإنجاز العمل لكن حماسه للعمل منخفض ودافعيته ضعيفة.
- النمط التفويضي Delegating: يتميز هذا النمط بتفويض السلطة ومنح الصلاحية مع العامل، وتكون طبيعة العلاقة مع القائد علاقة استشارية، ويسود هذا النمط عندما يكون مستوى النضج عند الموظف عاليا، أي لديه الرغبة للعمل ويمتلك الخبرة والمهارة لإنجازه.
- يقدم المدخل الموقفي نموذج يمكن الوثوق به لتدريب القادة ليكونوا فاعلين.
- من السهل فهم القيادة الموقفية وتطبيقها في العديد من المواقف(عملية).
- يمنح القائد توجيهات إرشادية في المواقف المختلفة.
- في حين يهتم مدخلي السمات والسلوك بالقادة؛ يهتم المدخل الموقفي بالتابعين.
- قلة الدراسات التي أجريت لإثبات الافتراضات التي طرحها هذا المدخل.
- يفترض الباحثون في هذا المدخل أن التابعين يتطورون بشكل متدرج يسمونها مستويات النضج، دون أن يوضحوا ما هو الأساس النظري الذي بنوا عليه هذا التصور.
نظرية فيدلر التوافقية(هاوس١٤٢٧هـ):
سميت هذه النظرية بالتوافقية لأنها تؤكد على أن فاعلية القائد تعتمد على مدى مناسبة أسلوب القائد للبيئة المحيطة"الموقف"، وقد قام فيدلر بتحليل أساليب مئات القادة المتميزين والسيئين، ثم طرح تعميمات تجريبية "إمبريقية" حول الأساليب القيادية الأفضل والأسوأ وفق النموذج التالي:
العلاقة بين القائد والعضو يحددها فيدلر من خلال مقياس الزميل الأقل تفضيلاً LPC حيث ينقسم القادة إلى صنفين: قائد تحركه العلاقة، وقائد تحركه المهمة.
ويقصد بهيكلة المهمة: وضوح المهمة وتحديدها، فكلما كانت المهمة واضحة ومحددة كانت سيطرة القائد على الموقف أقوى.
ويقصد بقوة المنصب: مقدار السلطة المتاحة للقائد لمكافأة أو معاقبة الأتباع.
ووفقاً للنموذج فإن أفضل المواقف القيادية هو رقم (١) وأسوأها هو رقم (٨)، وتمثل الدرجات في أسفل النموذج مدى فاعلية القادة في المواقف الثمانية؛ إلا أنه من غير الواضح سبب حصول القادة على درجة فاعلية عالية في المواقف متوسطة الأفضلية!.
نظرية مسار الهدف (هاوس١٤٢٧هـ):
تركز نظرية المسار الهدف على كيفية تحفيز القائد لأتباعه من أجل تحقيق الأهداف المرسومة، وتفترض النظرية أن الأتباع سيتحفزون إذا كانوا يعتقدون أنهم قادرون على أداء أعمالهم، وإذا كانوا يعتقدون أن مجهوداتهم سوف تؤدي إلى نتيجة معينة، وأن عملهم ذا قيمة.
وتؤكد النظرية على أن القادة ينبغي أن يغيروا من أساليبهم القيادية (توجيهي، مساند، مشارك، الإنجاز) حسب خصائص الأتباع، وخصائص المهمة.
نظرية التفاعل بين القائد والعضو:
تتميز هذه النظرية بأنها تهتم بعلاقة القائد بكل فرد من أتباعه بينما تتركز أغلب النظريات على علاقة القائد بأتباعه بشكل عام، وتحدد النظرية مجموعتين من الأتباع:
- المجموعة الداخلية وهم: الأتباع الذي يتكيفون مع قادتهم ويبدون رغبة في قبول الأدوار الإضافية، ويحضون في المقابل بالنفوذ والفرص والمكافآت،
- والمجموعة الخارجية وهم: الأتباع الذين يحافظون على العلاقات الهرمية والأدوار المحددة (في عقود التوظيف الرسمية) ويحصلون على المزايا المحددة للوظيفة.
تطبيق:
في الملف المرفق مقياس مختصر للأنموذج الموقفي:
==========
* المقال في الأصل جزء من البحث التكميلي لنيل درجة الماجستير في الإدارة التربوية من جامعة الإمام.
المراجع:
- آل ناجي، محمد عبدالله (2005م) الإدارة التعليمية والمدرسية نظريات وممارسات في المملكة العربية والسعودية، الرياض: المؤلف.
- ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم (1412هـ). مجموع فتاوى ابن تيمية. الرياض: دار عالم الكتب.
- الأغبري، عبدالصمد قائد (2003م). تأثير الإنجاز الأكاديمي وبعض المتغيرات في الأنماط القيادية لدى عينة من مديري مدارس التعليم العام بالمنطقة الشرقية المملكة العربية السعودية. المجلة التربوية، 17 (66)، 147-179.
- الحربي، قاسم عائل (1425هـ). القيادة المدرسية في ضوء اتجاهات القيادة التربوية الحديثة. الرياض: مكتبة الرشد.
- الصياد، العاطي أحمد، وعبدالغفار، أحلام رجب (1992م). الإدارة المدرسية وعلاقتها بالرضا الوظيفي للمعلم دراسة ميدانية. مجلة التربية والتنمية، (1)، 51-79.
- هاوس، بيترج نورث (١٤٢٧هـ) القيادة الإدارية النظرية والتطبيق، ترجمة: المعيوف، صلاح معاذ، الرياض: معهد الإدارة.
ليست هناك تعليقات:
أسعد بمشاركتك برأي أو سؤال