سؤال:
ما رأيك في معلمة شديدة في التعامل مع طالباتها ، بعيدة عن التفاهم ، مادتها يشوبها الغموض وعدم فهم الطالبات لها ، لا تحاول تيسير مادتها ، اختباراتها أقرب ما تكون للصعوبة .... ؟
ما توجيهك الكريم لها ولمن يتعامل معها ؟؟
الإجابة:
الأستاذة الفاضلة.. أجابتي مضمنة في سؤالك ..
ماهي سمات المعلمة الناجحة؟ او المربية الناجحة..
الموضوع طويل ويمكن الرجوع إلى د. عبدالكريم بكار (بناء الأجيال) أو د. محمد الدويش (المدرس ومهارات التوجيه)، ولعلي أقتصر على الصفات التي أشار إليها السؤال:
(1) اللطف واللين من غير ضعف :
فهذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم (المربي الأول) يقول الله تعالى عنه: ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )) [آل عمران/159]
وإن كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت [معلق في صحيح البخاري - (ج 19 / ص 18)]
ومع هذا يسهو في صلاته فيهاب الصحابة - وفيهم أبوبكر وعمر - أن يحدثوه في ذلك.. [حديث ذي اليدين صحيح البخاري - (ج 2 / ص 290)]
وتشتري أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخله تقول عائشة: فعرفت في وجهه الكراهية فقلت يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ماذا أذنبت.. [صحيح البخاري - (ج 7 / ص 293)]
(2) الحزم من غير عنف:
وهي معادلة صعبة.. فاللطف واللين لايعني التساهل وتجاوز الحدود وسأكتفي هنا بقصة أسامة كشاهد لهذا الموضوع والتي روتها عائشة رضي الله عنها: أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمه أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أتشفع في حد من حدود الله) ثم قام فاختطب ثم قال (إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) [صحيح البخاري - (ج 11 / ص 294)]
وهكذا المعلمة الناجحة: ودودة لطيفة محبوبة من غير ضعف، حازمة من غير عنف .. ومن غير ظلم..
نذكر جميعا أننا أحببنا بعض المواد الدراسية بسبب معلميها.. وربما كرهنا بعضها بسبب معلميها!! ويزداد الأمر أهمية عندما نتحدث عن معلمة التربية الإسلامية..
إن لطف المعلمة لايعني بالتأكيد أن تكون متساهلة في وضع الدرجات (أو في إهدائها للطالبات بلا ثمن) . فنتيجة هذا الأمر هو استخفاف الطالبات بالمادة والمعلمة وضعف تحصيلهن الدراسي..
والأمر نسبي يحتاج إلى تأمل ويقاس بالبيئة المدرسية فعلى المعلمة أن تسير في رصد الدرجات على منهج علمي متفق عليه في المدرسة عامة.
(3) وضوح المادة وسهولتها:
تعتقد بعض المعلمات أن شعور الطالبات بصعوبة المادة يضفي عليها وعلى معلمة المادة جوا من الاحترام.. والحقيقة أنها تضفي على المادة جوا من التوتر ، وبالنسبة لشخصية المعلمة فإن أذهان الطالبات ترتبط ارتباطا سلبيا بالمادة.. فكلما رأت الطالبة معلمتها - ولو خارج المدرسة - انتابها ذلك الشعور (الخوف والتوتر..)
يذكر الطلاب دائما مادة (أصول الفقة) أنها مادة جافة ومملة وصعبة .. وربما لايستمتعون بدراستها كثيرا.. لكني أراها مادة ممتعة وجميلة ذلك أني درستها أول ما درستها عند الدكتور عبدالعزيز العويد فعرضها لي بأسلوب جميل وسلس وممتع.. ومع أني أكملت دراسة المادة في السنوات التالية عند مدرسين آخرين يُدرِّسونَها بالطريقة المملة .. إلا أني مازلت أشعر يجمال المادة ومازلت أحتفظ بهذا الشعور بل وبما كتبته مع الدكتور إلى الآن!! ..
(4) الوضوح في طريقة التقييم:
من الظلم للطالبة أن نقول لها تعلمي واقرأي وتوقعي أي شيء في الاختبار..
غموض الأسئلة عيب فيها..
والكتاب المدرسي لم يوضع لنختبر الطالبة في كل جزئياته، وإنما هو وسيلة مساعدة للمعلمة تساعدها في تحقيق أهداف الدرس.. (ليس أكثر!!)
ما الفائدة من صياغة أهداف المادة العامة والأهداف الخاصة إن لم نعتمد عليها في إعداد أسئلة الاختبار؟!(لذا يعمد بعض التربويين إلى كتابة أسئلة الاختبار بعد صياغة الأهداف مباشرة وقبل تصميم مادة التعلم كي لا يسألوا الطلاب عن جزئيات في المنهج ليست أهدافا مباشرة) [د.عبدالرحمن كدوك: تكنولوجيا التعليم، وينظر أيضا: سلسلة مقالات نحو تدريس فعال في مدونة الباقي]
عندما يسألني طلابي قبيل الاختبار عن طريقة أسئلة الاختبار النهائي وكيف يراجعون المادة؟ أقول لهم : ألست أكتب أهداف كل درس على السبورة وأطلب منكم نقلها؟ فحولوا الأهداف إلى أسئلة وأجيبوا عليها جيدا. واضمنوا الدرجة كاملة!!.
في سنة من السنوات مر علي فصل (2 شرعي) في ثانوية ما!! لم أمر بطلاب (أسوأ منهم!!) وعذرا على التعبير.. لكنهم كانوا سلبيين تماما لاتكاد تجد طالبا يعير المادة اهتماما ومستواهم الدراسي في أسوأ حالاته.. حتى أني في اختبار نصف الفصل كتبت لهم أسئلة فهم وليست أسئلة حفظ واستذكار وقلت لهم هذا الاختبار على نظام Open Book أو (الكتاب المفتوح) يسمح فيه بفتح الكتاب أو الدفتر .. وصدمت عندما جاءتني الإجابات مخيبة للأمل!! وقبيل الاختبار النهائي فتحت دفتر تحضيري وأمسكت القلم وقلت للطلاب هل تريدون أسئلة الاختبار ؟! فاكتبوا معي: ثم حولت جميع الأهداف الخاصة للدروس إلى أسئلة وكتبتها على السبورة.. وقلت لهم من يعرف إجابة هذه الأسئلة فأنا أضمن له النجاح بتفوق .. وكانت النتيجة ولله الحمد (جيدة).
======
(*) ضمن لقاء تربوي في منتديات (إدارة تعليم البنات بمحافظة المذنب)
صباح
ردحذف