الموازنة بين الإيجابيات والسلبيات :
- قال تعالى ” ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا . اعدلوا هو اقرب للتقوى ” .
- وقال ” ولا تبخسوا الناس أشياءهم ” .
- وتحرى العدل أمر صعب ، سبب ذلك يوضحه الأمير أسامة بن منقذ [لباب الآداب 459 ] عندما قال :”العدل في الشيء صورة واحدة ، والجور صور كثيرة ، ولهذا سهل ارتكاب الجور ، وصعب تحري العدل وهما يشبهان الإصابة في الرماية والخطأ فيها فإن الإصابة تحتاج إلى ارتياض وتعهد ، والخطأ لا يحتاج إلى شيء من ذلك ” .
- قال شيخ الإسلام [ منهاج السنة 4/ 544] : ومن سلك الاعتدال عظَّم من يستحق التعظيم وأحبُّه ووالاه ، وأعطى الحقَّ حقَّه ، فيعظم الحق ، ويرحم الحق ، ويعلم أن الرجل الواحد تكون له حسنات وسيئات ، فيُحمد ويُذم ، ويثاب ويعاقب ، ويُحب من وجه ويبغض من وجه .
هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة خلافاً للخوارج والمعتزلة ومن وافقهم . أهـ .
هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة خلافاً للخوارج والمعتزلة ومن وافقهم . أهـ .
- وكان السلف يجعلون العدل نصب أعينهم عند التقويم حتى مع أولي القربى :
-فقد سئل ابن المدني عن أبيه ، فقال : سلوا عنه غيري . فأعادوا المسألة ، فأطرق ثم رفع رأسه فقال : هو الدين : هو ضعيف.
-وقال أبو داود صاحب السنن : ابني عبد الله كذاب .
-ونحوه قول الذهبي في ولده أبي هريرة : أنه حفظ القرآن ثم تشاغل عنه حتى نسيه وغير ذلك كثير عند السلف .
*الموازنة منهج السلف:
- قال تعالى : (( ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا مادمت عليه قائماً ))الآية . فذمهم من حيث العموم ، وبين بأن بعضهم يلتزم بأداء الأمانة .
- وقال : (( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما )) فأثبت النفع فيها مع طغيان الفاسد.
- حديث حذيفة : ” كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ” وفيه ” قلت : وهل بعد ذلك الشر من الخير ؟ قال : نعم وفيه دخن . قلت : وما دخنه ؟ قال : قوم يهدون بغير هديٍ تعرفُ منهم وتنكر .. ” الحديث . ومع هذا الدَّخن أثبت لهم الخيرية .- وقصة الذي جلد في الشراب وفيها ” لا تلعنوه فوالله ما عملت أنه يحب الله ورسوله ” .
- وحديث ” صدقك وهو كذوب ” ومن فوائد الحديث : ما ذكر الحافظ [ في الفتح 4/ 489 ] ” أن الحكمة قد يتلقاها الفاجر ، فلا ينتفع بها ، وتؤخذ عنه فينتفع بها .. وبأن الكذاب قد يصدق ” .
- قال ابن سيرين : ” ظلمت أخاك إذا ذكرت مساوئه ولم تذكر محاسنه ” [ الجامع لأخلاق الراوي 2/260 ] ، وعنه : ” ظلم لأخيك أن تذكر منه أسوأ ما تعلم وتكتم خيره ” [ البداية والنهاية 9/ 275] .
- ولما جلس عبد الله بن الزبير الحميدي وأحمد عند الشافعي سأله أحمد عن الشافعي : كيف رأيت ؟ فجعل يتتبع ما كان أخطأ فيه، قال الحميدي : وكان ذلك مني بالقرشيه . فقال لي أحمد : فأنت لا ترضى أن يكون رجل من قريش يكون له هذه المعرفة وهذا البيان - أو نحو هذا القول - تمرُّ مائة مسألة يخطئ خمساً أو عشراً ، اترك ما أخطأ وخذ ما أصاب ” [ آداب الشافعي 14 ] .
- قال الذهبي [ سير أعلام النبلاء 20 / 45، 46 ] :” .. غلاة المعتزلة ، وغلاة الشيعة ، وغلاة الحنابلة ، وغلاة الأشاعرة ، وغلاة المرجئة ، وغلاة الجهمية ، وغلاة الكرامية : قد ماجت بهم الدنيا وكثروا ، وفيهم أذكياء وعبَّاد وعلماء . نسأل الله العفو والمغفرة لأهل التوحيد ، ونبرأ إلى الله من الهوى والبدع ، ونحب السنة وأهلها ، ونحب العالم على ما فيه من الاتباع والصفات الحميدة ، ولا نحب ما ابتدع فيه بتأويل سائغ ، وإنما العبرة بكثرة المحاسن”.
* من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه :
- كل بني آدم خطأ ، والخطأ الظاهر لا يلغي المحاسن الكثيرة . إذ الكمال عزيز والعبرة بكثرة المحاسن . وقد قيل : إن النقائص خَبَثٌ ، والماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث .
- ” انظر إلى موسى - صلوات الله وسلامه عليه - رمى الألواح التي فيها كلام الله الذي كتبه بيده فكسرها ، وجر بلحية نبي مثله وهو هارون ، ولطم عين ملك الموت ففقأها ، وعاتب ربه ليلة الإسراء في محمد - صلى الله عليه وسلم- ورفعه إليه ، وربُّه تعالى يحتمل له ذلك كله ، ويحبه ويكرمه ، لأنه قام لله تلك المقامات العظيمة في مقابلة أعدى عدو له ، وصدع بأمره ، وعالج أُمتي القبط وبني إسرائيل أشد المعالجة ، فكانت هذه الأمور كالشعرة في البحر .. ” [ تهذيب مدارج السالكين 186] .
- قال سعيد بن المسيب : ” ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب ، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه . فمن كان فضله اكثر من نقصه : وهب نقصه لفضله ” [ البداية والنهاية 9/ 100] .
- قال ابن القيم [ إعلام الموقعين 3/283] : ” ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعاً أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة ، وهو من الإسلام وأهله بمكان ، قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل مأجور لاجتهاده ، فلا يجوز أن يُتبع فيها ولا يجوز أن تهدر مكانته وإمامته ومنزلته في قلوب المسلمين ” .
-وقال الذهبي : ” ثم عن الكبير من أئمة العلم إذا صوابه وعُلِم تحريه للحق ، واتسع علمه ، وظهر ذكاؤه وعُرف صلاحه وورعه واتباعه : يُغفر له زلله ولا نضلله ونطرحه ، وننسى محاسنه ، نعم ، ولا نقتدي به في بدعته وخطئه ، ونرجو له التوبة من ذلك ” [ سير أعلام النبلاء 5/279] .* لا يمنعك باطله من أخذ الحق الذي معه :
-”وقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم خبر الدليل المشرك الذي استأ جره ليدله على طريق المدينة في هجرته لما ظهر له صدقه وأمانته ” .فعلى المسلم أن يتبع هدى النبي صلى الله عليه وسلم في قبول الحق ممن جاء به مِن ولي وعدو ، وحبيب وبغيض ، وبر وفاجر ، ويرد الباطل على من قاله كائناً من كان ” [أعلام الموقعين1/247] .
-وقد تقدم حديث “صدقك وهو كذوب “واستنباط ابن حجر .
-وقال ابن القيم “فلو كان كل من أخطأ أو غلط تُرك جملة وأهدرت محاسنه لفسدت العلوم والصناعات والحكم وتعطلت معالمها” [مدارج السالكين 2/39 ] .-وقال [طريق الهجرتين 387] : “..فإن كل طائفة معها حق وباطل . فالواجب موافقتهم فيما قالوه من الحق ورد ما قالوه من الباطل . ومن فتح الله له بهذه الطريقة فقد فتح الله له من العلم والدين كل باب ويسر عليه فيهما الأسباب “
- سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن ” الجماعات والفرق الموجودة الآن ” جماعة الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ وجماعة أنصار السنة والجمعية الشرعية والسلفيين ..ما موقف المسلم منها ؟هل ينطبق عليها حديث حذيفة رضي الله عنه “فاعتزل تلك الفرق كلها ولوا أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك “.؟ فأجابت [الفتوى رقم 6280] ما نصه :
” كل من هذه الفرق فيها حق وباطل وخطأ وصواب وبعضها أقرب إلى الحق والصواب وأكثر خيراً وأعم نفعاً من بعض ، فعليك أن تتعاون مع كل منها على ما معها من الحق وتنصح لها فيما تراه خطأً ، ودع ما يريبك إلى مالا يريبك “[فتوى اللجنة 2/162] .
- قال شيخ الإسلام ” والله قد أمرنا ألا نقول عليه إلا الحق ، وألا نقول عليه إلا بعلم ، وأمرنا بالعدل والقسط فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني - فضلاً عن الرافضي - قولاً فيه حق أن نتركه ، أو نرده كله ، بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل دون ما فيه من الحق “.[منهاج السنة النبوية 2/342] .
*العالم إذا قال قولاً من أقوال اهل البدع لا يكون متبدعاً:
ولو قلنا عكس ذلك للزمنا تبديع كثير من أئمة أهل السنة مثل البخاري وأبي حنيفة وشيخه ربيعه وابن حجر وغيرهم كثير .
- وقد رمي (69) راوياً من رجال البخاري بطعن في الاعتقاد [هدي الساري 459 ] .
- وأشار السيوطي إلى أنه يوجد في الصحيحين (81) رجلاً اتهموا ببدع مختلفة [تدريب الراوي 1/328 ] .
* المجتهد إذا أخطأ فلا يأثم بشرطين :
1-أن يكون مريداً للحق .2-أن يجتهد وسعه في طلبه .
* لماذا نخاف من النقد ؟
* لماذا نخاف من النقد ؟
التقويم إذا كان وفق الضوابط الشرعية فإنه لا ينافي الأخوّة ولا يعارض وفاء الصحبه بل هو من الحق الذي يجب أن يرضاه المسلم .
-قال شيخ الإسلام [ الفتاوى 28 / 235 ]:“والأخ المؤمن إن كان صادقاً في إيمانه لم يكره ما قلته من الحق الذي يحبه الله ورسوله وإن كان فيه شهادة عليه وعلى ذويه .بل عليه أن يقوم بالقسط..ومتى كره هذا الحق كان ناقصاً في إيمانه ، ينقص من أخوته بقدر ما نقص من إيمانه ..” وهذا النص الجليل يغنى عن الشرح والاستطالة ..
والله الموفق
ليست هناك تعليقات:
أسعد بمشاركتك برأي أو سؤال