نحو تدريس فعّال.. نظرة إلى معاهدنا العلمية
(الجزء الثالث)
المفهوم الشامل للتقويم : أنه عملية تشخيصية علاجية هدفها الكشف عن مواطن الضعف أو القوة بقصد تطوير عمليات التعليم والتعلم بالصورة التي تسهم في تحقيق الأهداف المنشودة .فالتقويم له ركنان لا يغني أحدهما عن الآخر :
1 - التشخيص ، ويسمى ( القياس ) ASSESSMENT ويعني : تقدير المستويات تقديراً كمياً رقمياً أو وصفياً ، وله أدوات مختلفة أهمها : الاختبارات ( موضوعية ومقالية ) ، والتقارير الذاتية ( المقابلات ، والاستبانات ) ، والملاحظة بأنواعها . ولا يتسع المجال لبسطها ؛ لكني أؤكد هنا على أهمية كون القياس صورة صادقة لأهداف المادة التعليمية .
2 - العلاج ، ويطلق عليه ( التقويم ) EVALUATION وكثيراً ما تستخدم نتائج القياس في عمليات التقويم . وللتقويم بمعناه العام أنواع ، من أهمها :
1 - التقويم القَبلي : وهو عملية تقويمية منظمة تتم قبل دراسة الطالب لوحدة دراسية أو مقرر دراسي ، أو موضوع جديد ؛ بغرض معرفة ما لدى الطالب من معلومات وخبرات سابقة .
وهو يفيد المعلم بمعرفة الفروق الفردية بين التلاميذ ، والاستفادة من الخبرات السابقة إن وجدت ، وغالباً ما يؤثر التقويم القبلي على طريقة التدريس ، والمحتوى اللازم للدرس . في معاهدنا العلمية يندر وجود هذا النوع من التقويم ، بل غالباً ما يبدأ المعلم بعرض المعلومات التي جمعها متجاهلاً الخبرات السابقة التي لدى الطلاب ، مع أن معرفته لذلك قد تختصر له الكثير من الوقت .
وهو يفيد المعلم بمعرفة الفروق الفردية بين التلاميذ ، والاستفادة من الخبرات السابقة إن وجدت ، وغالباً ما يؤثر التقويم القبلي على طريقة التدريس ، والمحتوى اللازم للدرس . في معاهدنا العلمية يندر وجود هذا النوع من التقويم ، بل غالباً ما يبدأ المعلم بعرض المعلومات التي جمعها متجاهلاً الخبرات السابقة التي لدى الطلاب ، مع أن معرفته لذلك قد تختصر له الكثير من الوقت .
2 - التقويم البنائي : وهو عملية تقويمية منظمة تتم أثناء التدريس بغرض الوقوف على نقاط الضعف وعلاجها ، وله فوائد عديدة ، منها : اكتشاف نقاط الضعف عند الدارس وعلاجها ، وتطوير طريقة التدريس والبرنامج التعليمي ، وتعزيز نشاط الطالب القوي . ويعتمد بشكل رئيس على الملاحظة المستمرة والأسئلة الصفية التي يوجهها المعلم للطلاب ؛ ويفضل عند توجيه الأسئلة ألا يكون السؤال معرفياً خالصاً بل يفضل أن يقيس قدرة الطالب على توظيف ما درسه ، مثلاً : نسيت الاستفتاح ، ولم تتذكر إلا بعد انتهاء الركعة الثانية ؛ فماذا تفعل ؟ وهذا النوع ( التقويم البنائي ) يؤكد على أهمية تحديد أهداف يمكن قياسها .
3 - التقويم التشخيصي : ويهدف إلى تشخيص حالة الطالب وتحديد نقاط الضعف لديه ، وتحديد أسباب المشكلات الدراسية التي يعاني منها الطالب .
4 - التقويم النهائي التجميعي ( الختامي ) : وهو عملية تقويمية منظمة تحدث في نهاية التدريس ؛ وعادة ما تكون في نهاية الفصل الدراسي أو المرحلة الدراسية بغرض تحديد اجتياز الطالب من عدمه .
والملاحظ هنا إلى أن دروس المساجد والدورات العلمية تهمل جميع أنواع التقويم ؛ فلا نستغرب أبداً إذا شاهدنا فيها طلاباً في مستويات علمية مختلفة ومراحل عمرية متفاوتة ، ومع هذا يتلقون نفس المادة التعليمية ! ! وبعد انتهاء الدورة العلمية أو الكتاب المقرر لا يُجرى للطلاب اختبار نهائي للتأكد من استفادتهم . وقد كان علماؤنا إلى عهد قريب يراعون مثل هذا التفاوت ؛ فلا يقرأ الطالب في المطولات حتى يتقن المختصرات ، وهكذا..
يحتاج المعلم إلى تقويم جميع عناصر العملية التعليمية الستة ، وهي : المعلم ، والطالب ، والأهداف ، وطرق التدريس ، والمحتوى ، والتقويم . بينما نلاحظ في معاهدنا العلمية أن المعلمين يقتصرون على جزء من أجزاء أحد هذه العناصر ! ! فهم لا يقومون غالباً إلا بتقويم تحصيل الطالب العلمي فقط ؛ على ما يشوب هذا التقويم من نقص وقصور . ونادراً ما يقوّم المعلم نفسه مثلاً ، أو طريقته في التدريس ، أو أساليبه في التقويم وتوظيفه لأنواعه وأدواته المختلفة في خدمة العملية التعليمية .
رابعاً : التحسين :
التقويم هو الذي يضع مؤشرات التحسين ، والتحسين يعني تلافي الأخطاء والنقص لاحقاً ، وهو لا يتم مرة أو مرتين فحسب بل هو عملية مستمرة ما بقيت المادة أمام الطلاب يدرسونها .وغالباً ما يكون التحسين منصباً على تصميم مادة التعلم بعناصره الثلاثة : ( طريقة التدريس ، والمحتوى ، والوسائل المستخدمة ) ؛ إلا أن المعلم قد يحتاج إلى مراجعة الأهداف التي حددها مسبقاً لاكتشافه مثلاً عدم مناسبتها أو مناسبة شيءٍ منها لمستوى الطلاب أو للزمن المتاح ، وقد يحتاج بعد تقويمه لعمليات التقويم التي قام بها إلى تطويرها وتحسينها وتلافي عيوبها مستقبلاً .وهكذا يتبين أن التحسين يعود إلى الأسس الثلاثة في حلقة دائرية مستمرة لا تتوقف عند حدٍّ معين ، وذلك لما فطر الله الإنسان عليه من نقص دائم ملازم له يجعله دائماً محتاجاً إلى التطوير والتحسين .
وتبين بعد هذا كله أن المعلم إذا خطط لدرسه تخطيطاً جيداً فرسم الأهداف السلوكية وحددها تحديداً دقيقاً ، وصمم مادة التعلم ، ونفذها على أتم وجه وتأكد من تحقق الأهداف عن طريق التقويم السليم ؛ إذا فعل ذلك كله فلا نقول إنه بعد هذا الدرس ( النموذجي ) قد وظّف تكنولوجيا التعليم ، بل لا يكون كذلك حتى يحسِّن من مستوى الأداء في المرات القادمة ؛ فتكنولوجيا التعليم ليست درساً منظماً مبنياً على أسس علمية فحسب ، بل هي عملية مستمرة متواصلة لا تتحقق إلا بمواصلة الجهود وتحسين النتائج بشكل مستمر .
ومن نافلة القول أن هذا الدرس الذي أُعد ونُفذ بطريقة جيدة لا يصح تطبيقه على مجموعة أخرى من الطلاب ؛ وذلك لأن تغيراً في عنصر من عناصر العملية التعليمية يؤثر بالتأكيد على بقية العناصر .
بقي أن نشير أخيراً إلى أن هذه العملية تتأثر بمؤثرات خارجية ينبغي على المعلم مراعاتها عند التخطيط للعملية التعليمية ؛ فالمنظومة التدريسية إحدى منظومات التعليم وليست المنظومة الوحيدة في العملية التعليمية.
((وللحديث صلة))
==========================
الهوامش:
(15) أساسيات القياس والتقويم في التربية ، د فريد كامل أبو زينة ، ص 18 28
ليست هناك تعليقات:
أسعد بمشاركتك برأي أو سؤال