أمالي الزنيدي.. في الثقافة الإسلامية ((1))*
تعريف الثقافة بوجه عام:
المعنى اللغوي:
الثقافة لفظة عربية ، يقول ابن فارس(معجم مقاييس اللغة) : التاء والقاف والفاء كلمة واحدة إليها ترجع الفروع ، وهو إقامة درء الشيء.. يقال ثقفت القناة إذا أقمت عوجها ، ورجل ثقف لقف وذلك أن يصيب علم ما يسمعه على استواء.أ.هـ
يقول ابن منظور (لسان العرب) : الثَّقِفُ والثقيف يطلق على الحاذق الفطن أ. هـ
نستطيع أن نلخص المعنى اللغوي للفظة بأنها تتركز على معنيين:
1) التفوق الفكري.
2) تقويم الأشياء لتستوي معتدلة. قالت عائشة عن أبيها رضي الله عنهما : ”وأقام أود المسلمين بثِقافه”.
وعلى عادة العرب في أنهم يتجاوزون في اللفظة إلى مقارنه أو إلى مجاوره .. فيُتجاوز بالمعنى ماتدل عليه من تفوق فكري إلى مابه يتحقق هذا التفوق .. وتسمى ثقافة، والمقصود تقويم الناس بالأشياء المعنوية.
فالثقافة تقوم على معنيين هما:
1) معنى ذاتي في الإنسان وهو التفوق الفكري.
2) أداء يمارسه المثقف في غيره ، وهو التقويم والتعديل.
مدلولها في الفكر المعاصر :
الثقافة في مضمونها الحديث وافدة ، فهي تعريب لكلمة caltuer (كالتشر) وتعني تلك الأشياء التي يغلب عليها أنها فكرية أو علمية والتي تعني الإنسان بما هو إنسان.. فالعقيدة والقانون على هذا من الثقافة لأنها تختص بتصرفات الإنسان بينما الطب لايدخل في مفهوم الثقافة لأنه يتعامل مع الإنسان من جانبه المادي وليس من حيث هو إنسان.
تعريف (تايلر) للثقافة:
(إنها ذلك الكل المركب الذي يشمل العقائد والفن والأخلاق والقانون والعرف وكل القدرات والعادات التي يكتسبها الإنسان من حيث هو عضو في المجتمع.)
وقد فرض هذا التعريف نفسه على الساحة الغربية والعالم العربي.
وأهم من هذا التعريف تعريف اليونسكو، وإن كان تعريف اليونسكو يكتسب أهميته من كونه عالميا صادرا من منظمة عالمية [اليونسكو] تعنى بالثقافة تواصلت مع مائات المعنيين بالثقافة، ثم عقدت مؤتمرًا في المكسيك في عام 1981 ثم خرجت بإعلان ..
(إعلان مكسيكو للثقافة) يقول :
(الثقافة هي جميع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعًا بعينه أو فئة اجتماعية بعينها، وتشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات).
والثقافة هي التي تمنح الإنسان قدرته على التفكير في ذاته، وهي التي تجعل منه كائنا يتميز بالإنسانية المتمثلة في العقلانية، والقدرة على النقد والالتزام الأخلاقي، فعن طريقها نهتدي إلى القيم ونمارسها .. وخلاصة التعريفين أن الثقافة تتمثل فيما يتعلق بالإنسان من حيث هو إنسان، فكل ما يتعلق بالإنسان من حيث إنسانيته فهو ثقافة، وكل ما يتعلق بالإنسان من حيث حيوانيته (مثل الطب والهندسة) فليس بثقافة.
عناصر الثقافة:
مادة الثقافة وموضوعها هي العناصر التي تحقق للإنسان تفوقه الفكري بصفته إنساناً ، وممارسته التقويمية للحياة الإنسانية ، وهي عناصر أي ثقافة، وليست خاصة بثقافة معينة :
الأول : تفسير الوجود
هي تلك الإجابة التي يشعر الإنسان – أي إنسان – أنها مطلب لديه.. وهي عموماً إجابات الأسئلة الوجودية من أنا؟ كيف جئت؟ ماهدف وجودي؟ ماهو مصيري؟ ماذا بعد الحياة؟ كيف جاء هذا الكون وما علاقتي به؟ .. إلخ ولايهدأ الإنسان ولا يقر له قرار حتى يجد إجابات بغض النظر عن صحتها، فإن كانت صحيحة هدأت نفسه واطمأنت وإلا فلا.
الثاني: القيم
هي تلك المثل التي تتميز بها الحياة الإنسانية عن الحياة الحيوانية.. أو هي القواعد التي يقيّم الناس عليها حياتهم ليرتفعوا بها عن الحياة الحيوانية .. وهي على أنواع:
1) قيم فكرية (قيم الحق) : معايير تحكم حركة الإنسان الفكرية.
2) قيم الخير: القيم الأخلاقية : الصدق الوفاء البر الحياء..
3) قيم الجمال: قيم الذوق ورؤية الجماليات.
الثالث: النظم التشريعية في جوانب الحياة
قوانين ، تعاليم أعراف وتقاليد .. سواء اللصيقة بالإنسان (العبادة، الأخلاق) أو ما دونها (النظم التعليمية، الإعلامية، الإدارية..) وتشمل كذلك التشريعات التاريخية التي توارثتها الأجيال وأصبحت قانوناً ملزماً .
من خلال هذه العناصر تتشكل شخصية الإنسان وتبنى ثقافته
=====
(*) هذه الصفحات تلخيصٌ مقارب لأمالي البرفسور الشيخ عبدالرحمن الزنيدي حفظه الله حول الثقافة: مفهومها، وأسسها، وواقعها بين المثقفين العصرانيين والإسلاميين. وقد ساهم معي في إخراج هذا العمل مجموعة من الزملاء وهم: عبدالرحمن آل خلف، ودعفس الدعفس، وإبراهيم الفوزان.. شكر الله لهم جهودهم وعطاءهم. أسأل الله تعالى أن ينفع الجميع بهذه الأمالي: ممليها ومن ساهم في جمعها وكاتبها وقارئها.
السلام عليكم ورحمة الله ..
ردحذفنشكر لكم جهودكم في توضيح المعني لمفهوم الثقافة ولكن لدي تعليق بسيط لم أود أن أتركه لنفسي و إنما أود اطلاعكم عليه لعل يتغير لكم معنى و تتضح لكم رؤية ....
وردت هذه الجملة " وخلاصة التعريفين أن الثقافة تتمثل فيما يتعلق بالإنسان من حيث هو إنسان، فكل ما يتعلق بالإنسان من حيث إنسانيته فهو ثقافة، وكل ما يتعلق بالإنسان من حيث حيوانيته (مثل الطب والهندسة) فليس بثقافة"
فلفظ حيوانيته يعتبر من الفكر الغربي الذي لا أقبل تطبيقه على الإنسان فهو مكرم عن هذه الألفاظ و يمكنك استخدام لفظ أخر كلمة " بدنه " أو أي مفردة تناسب المعني
فتصبح العبارة " وخلاصة التعريفين أن الثقافة تتمثل فيما يتعلق بالإنسان من حيث هو إنسان، فكل ما يتعلق بالإنسان من حيث إنسانيته فهو ثقافة، وكل ما يتعلق بالإنسان من حيث بدنيته (مثل الطب والهندسة) فليس بثقافة
ولك جزيل الشكر
شكرا لك.. هذه السلسلة من إملاء الدكتور الزنيدي كما نوهت في الحاشية
ردحذف